في يوم من الأيام خرج نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه و آله و سلم و معه أصحابه الكرام رضي الله عنهم في سفر .
كان السفر طويلا و شاقا . فتعب الصحابة من ذلك السفر . فنظر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلى صاحبه ومولاه و خادمه قيس و قال له : إبسط كساءك .
فأسرع قيس إلى تلبية أمر الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فرحا و مسرورا و بسط ثوبه .
فأقبل الصحابة و جعلوا يضعون أشياءهم و متاعهم في الكساء .
فمنهم من ألقى سيفه و منهم من ألقى رمحه ، و كانت هذه أسلحتهم التي يقاتلون بها الكفار أعداء الله .
فلما امتلأ الكساء حمله النبي صلى الله عليه و آله و سلم لقيس رضي الله عنه ثم قال و هو يلاطفه و يداعبه : احمل ، ما أنت إلا سفينه .
فسماه الرسول صلى الله عليه و آله و سلم سفينة لأنه يحمل الأمتعة في السفر كما تحملها السفينة .
ففرح قيس بهذا الإسم ، و قال : لو حملت في ذلك اليوم أكثر مما يحمله بعير أو بعيران أو خمسة أو ستة ما ثقل علي .
و ذلك ببركة النبي صلى الله عليه و آله و سلم لأنه قال له : أنت سفينة .
فصار يحمل مثل السفينة أثقالا كثيرة .
و لأنه سارع في طاعة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و أعان أصحابه لم يتعب من حمل هذه الأشياء الثقيلة .
و حفظه الله في هذه الحادثة العجيبة الغربية . فذات يوم ركب سفينة تجري في البحر تشق الأمواج بفضل الله و نعمته .
و فجأة إنكسرت السفينة فأنقذ الله عز و جل نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و تعلق سفينة رضي الله عنه في لوح السفينة التي تكسرت .
فأخذت الأمواج اللوح الذي ركبه و جعلت تدفعه إلى الشاطئ و كل ذلك بحفظ من الله تعالى لهذا الرجل الصالح حتى وصل سفينة إلى ساحل البحر و قذفه الموج على الشاطئ سالما بحمد الله .
نظر سفينة حوله، فوجد نفسه في غابة بها أشجار كثيرة ، و فجأة سمع صوتا رهيبا مخيفا مزعجا . فالتفت سفينة فإذا بأسد متوحش قادم عليه يريده . فماذا فعل سفينة ؟
لجأ سفينة إلى الله تعالى و عرف أن الله لا يضيع عباده المؤمنين .
و علم أن الكون كله ملك لله يتصرف فيه كيف يشاء .
وأن الأسد و غيره مهما كان قويا فهو مخلوق من مخلوقات الله إذا أمره الله بأمر ينفذه بالحال .
فأقبل سفينة إلى الأسد في شجاعة و ثقة بالله و قال له : يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم .
فلما سمع الأسد ذلك منه هدأ و طأطأ رأسه و أصبح كالهر الوديع . ثم أقبل على سفينة رضي الله عنه يدفعه بمنكبه حتى أخرجه من الغابة كأنه يحرسه و يدله على الطريق .
ثم التفت الأسد إلى سفينة رضي الله عنه و همهم بصوت ضعيف كأنه يودعه .
ثم دخل الغابة عائدا إلى عرينه يبحث عن طعام آخر غير هذا الرجل الصالح الذي يحبه الله و يحبه رسوله صلى الله عليه و آله و سلم .
و أما سفينة فحمد الله على تلك النعم العظيمة و عاد إلى إخوانه و حكى لهم هذه القصة العجيبة ليكونوا مثله يسارعون في طاعة الله و رسوله و يحبون إخوانهم ...
و يساعدونهم و يثقون بالله و يتوكلون عليه فينالون رضى الله عنهم و محبته لهم .